الذهب في المغرب, بريق يخفت تحت وطأة الأسعار و الناس تبحث عن بدائل

مواطن نيوز//


تشهد أسوق الذهب في المغرب تحولات كبيرة، حيث فرضت الأسعار المتصاعدة نمطاً جديداً من التعامل مع المعدن الأصفر الذي طالما ارتبط بالمناسبات والأفراح، خاصة مع ارتفاع سعر الغرام الواحد من الذهب الخام عيار 18 قيراطاً إلى 780 درهماً، ليصل بعد إضافة المصنعية والجمارك إلى 880 درهماً للغرام في أغسطس/آب 2025.

ويواجه المستهلكون، لاسيما المقبلون على الزواج ومن ينتمون للفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، صعوبات متزايدة في اقتناء الذهب، ما دفعهم إلى البحث عن حلول وبدائل تناسب قدراتهم الشرائية. وارتفعت أسعار الذهب محلياً بنسبة 30% خلال العشرين شهراً الماضية، في زيادة وصفها مهنيون في القطاع بأنها “غير مسبوقة”.

ولا يرجع هذا الارتفاع فقط إلى تقلبات الأسواق العالمية، بل أيضاً إلى عوامل محلية تتعلق بسلاسل التوريد وعدم وجود نقاط بيع رسمية للمواد الأولية، مما يجبر الحرفيين على الاعتماد على إعادة تدوير الذهب القديم، مما يضيف مزيداً إلى التكاليف.

وبحسب الحسين أكرام، نائب رئيس الجمعية المغربية للحلي والمجوهرات، فإن المشهد أصبح ثنائي الاتجاه؛ فبينما عزف كثير من الزبائن عن الشراء بسبب الأسعار المرتفعة، أصبحت فئة أخرى تنظر إلى الذهب كخزينة آمنة واستثمار للمستقبل. وأضاف أن المرأة المغربية أصبحت تتابع أسعار الذهب محلياً وعالمياً، وتقرر الشراء كاستثمار وادخار، وليس للزينة فقط، مما أثر حتى على الذوق العام، حيث أصبحت تفضل القطع البسيطة والخالصة دون أحجار كريمة لأنها تحافظ على قيمتها أفضل عند إعادة البيع.

ولم يعد نظام “المصارفة” أو الدفع بالتقسيط مجدياً بالنسبة للبائعين بسبب تقلب الأسعار، وبدلاً من ذلك يقدم بعض البائعين خدمة ادخار مبلغ مالي لدى المحل حتى تكتمل قيمة القطعة التي ترغب الزبونة في شرائها وفق سعر السوق في ذلك الوقت.

وبرزت كبديل ظاهرة “الهميزات”، أي الإقبال على الذهب المستعمل الذي يباع بثمن أقل مع احتفاظه بقيمته كمعدن ثمين، لاسيما للراغبين في الشراء بمناسبات مثل الزفاف أو خطوبة.

ومن داخل محلها في تمارة بالرباط، توضح إيمان السلاوي، التي ورثت المهنة عن عائلتها، أن الإقبال تراجع بشكل ملحوظ، خاصة من الطبقة المتوسطة والمهاجرين المغاربة الذين كانوا يشكلون شريحة مهمة من المشترين. وأضافت أن طقوس الزواج تغيرت، فلم يعد المقبلون على الزواج يكتفون بشراء طقم ذهبي كامل، بل صاروا يقتصرون على خاتم الزواج أو قطعة خفيفة مثل سلسلة، ويوجهون بقية الأموال لتجهيز المنزل وحفل الزفاف، حيث يتراوح سعر الخاتم العادي بين 2000 و3700 درهم.

ولجأت بعض الأسر إلى تقديم هدايا من حلي ذهبية بسيطة للعروس، كشكل من أشكال التعاون معها لتوفير جهازها. كما أن بعض الزبونات يلجأن لشراء القطع على مراحل، مثل سيدة كانت تدخر لشراء ثلاثة أساور “سرتلة” واحدة تلو الأخرى.

وفي موازاة ذلك، انتشرت بدائل أخرى، مثل الحلي المطلية بلون الذهب والمصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، والتي تشبه إلى حد كبير الذهب الحقيقي في بريقه، وتتميز بمقاومتها للماء والععرق، مما يحافظ على لمعانها لفترة أطول. وتتراوح أسعار هذه القطع بين 100 و200 درهم، وتلقى إقبالاً كبيراً على منصات التواصل الاجتماعي وفي المحلات المتخصصة مثل محل “ترانكيل إكسسوارات بديل الذهب” في الرباط.

وهكذا، وفي ظل ارتفاع الأسعار وتغير أولويات الإنفاق، تفرض هذه البدائل نفسها على المستهلكات المغربيات، بينما تتكيف التقاليد والعادات مع الواقع الاقتصادي الجديد، في انتظار أي انفراج يعيد للذهب بعضاً من بريقه التقليدي في مناسبات المغاربة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *