مواطن نيوز//
فقدت الساحة الصوفية المغربية والعالمية عَلَمًا بارزًا بانتقال شيخ الطريقة القادرية البودشيشية، مولاي جمال الدين القادري بودشيش، إلى رحمة الله تعالى اليوم الجمعة. وافته المنية عن عمر ناهز 86 سنة، بعد مسيرة حافلة في خدمة التصوف السني والتربية الروحية امتدت لأكثر من ستة عقود، قضاها في تزكية النفوس ونشر قيم المحبة والسلام.
وُلد الشيخ الراحل عام 1942 بقرية مداغ في إقليم بركان، معقل الزاوية الأم. تلقى تعليمه الأولي في أحضان الزاوية، ثم واصل مسيرته الأكاديمية بمدينة فاس فالرباط، حيث تخرج من كلية الشريعة وحصل لاحقًا على دبلوم الدراسات العليا من دار الحديث الحسنية. توج مساره العلمي عام 2001 بنيل درجة الدكتوراه عن أطروحته حول “مؤسسة الزاوية في المغرب بين الأصالة والمعاصرة”.
تولى الشيخ جمال الدين مشيخة الزاوية عام 2017 خلفًا لوالده الشيخ حمزة القادري بودشيش، امتثالاً لوصية مكتوبة ومختومة تعود لعام 1990. عُرف الراحل بعزوفه عن الأضواء وتفرغه الكامل للشأن الروحي، متمسكًا بنهج والده القائم على التواضع وخدمة المريدين، بعيدًا عن الجدل العام أو الظهور الإعلامي إلا في المناسبات الدينية الكبرى.
وقد أعلن الشيخ جمال الدين خلال إحياء الذكرى الثامنة لوفاة والده في يناير الماضي – بحضور ملكي – عن وصيته بنقل الأمانة الروحية لابنه الدكتور منير القادري بودشيش، مؤكدًا على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله، وتعظيم الرابطة الروحية، والتشبث بثوابت الأمة وعلى رأسها إمارة المؤمنين.
وكان الفقيد قد نقل إلى المستشفى العسكري بالرباط بتعليمات ملكية سامية إثر وعكة صحية حادة تعرض لها بعد مشاركته في إحياء ذكرى والده ثاني أيام عيد الفطر الماضي. وطيلة مسيرته، ظل الشيخ جمال الدين رمزًا للتصوف المعتدل، حاملاً لواء تربية النفس وربط البعد الروحي بالانتماء الوطني، تاركًا إرثًا تربويًا وإشعاعًا روحانيًا امتدت آثاره عبر المغرب وخارجه.